كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج الخطيب في رواية مالك عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: كان سليمان عليه السلام يركب الريح من اصطخر، فيتغدى ببيت المقدس، ثم يعود فيتعشى باصطخر.
وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {غدوها شهر ورواحها شهر} قال: كان سليمان عليه السلام يغدو من بيت المقدس فيقيل باصطخر، ثم يروح من اصطخر فيقيل بقلعة خراسان.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وأسلنا له عين القطر} قال: النحاس.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {وأسلنا له عين القطر} قال: أعطاه الله عينًا من صفر، تسيل كما يسيل الماء قال: وهل تعرف العرف ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول الشاعر:
فألقى في مراجل من حديد ** قدور القطر ليس من البرام

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه {وأسلنا له عين القطر} قال: عين النحاس كانت باليمن، وان ما يصنع الناس اليوم مما أخرج الله لسليمان عليه السلام.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {وأسلنا له عين القطر} قال: أسال الله تعالى له القطر ثلاثة أيام يسيل كما يسيل الماء قيل: إلى أين؟ قال: لا أدري.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال: سيلت له عين من نحاس ثلاثة أيام.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {القطر} النحاس. لم يقدر عليها أحد بعد سليمان عليه السلام، وإنما يعمل الناس بعد فيما كان أعطى سليمان.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه {عين القطر} قال: الصفر.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال: ليس كل الجن سخر له كما تسمعون {ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا} قال: يعدل عما يأمره سليمان عليه السلام.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد {ومن يزغ منهم عن أمرنا} قال: من الجن.
{يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)}.
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل} قال: من شبه ورخام.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {من محاريب} قال: بنيان دون القصور {وتماثيل} قال: من نحاس {وجِفَان} قال: صحاف {كالجوابِ} قال: الجفنة مثل الجوبة من الأرض {وقدور راسيات} قال: عظام.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه في الآية قال: {المحاريب} القصور.
{والتماثيل} الصور {وجفان كالجوابِ} قال: كالجوبة من الأرض.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {من محاريب} قال: قصور، ومساجد {وتماثيل} قال: من رخام وشبه {وجفان كالجواب} كالحياض {وقدور راسيات} قال: ثابتات لا يزلن عن مكانهن كن يُرَيْنَ بأرض اليمن.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وتماثيل} قال: اتخذ سليمان عليه السلام تماثيل من نحاس فقال: يا رب انفخ فيها الروح فإنها أقوى على الخدمة، فنفخ الله فيها الروح، فكانت تخدمه، وكان اسفيديار من بقاياهم، فقيل لداود عليه السلام {اعملوا آل داود شكرًا وقليل من عبادي الشكور}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي شيبة وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {من محاريب} قال: المساجد {تماثيل} قال: الصور {وجفان كالجوابِ} قال: كحياض الإِبل العظام {وقدور راسيات} قال: قدرو عظام كانوا ينحتونها من الجبال.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وجفان كالجوابِ} قال: كالجوبة من الأرض {وقدور راسيات} قال: أثافيها منها.
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله: {وجفان كالجواب} قال: كالحياض الواسعة تسع الجفنة الجزور قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم. أما سمعت طرفة بن العبد وهو يقول:
كالجوابي لا هي مترعة ** لقرى الأضياف أو للمحتضر

وقال أيضًا:
يجبر المجروب فينا ماله ** بقباب وجفان وخدم

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه {وجفان كالجوابِ} قال: كالحياض {وقدور راسيات} قال: القدور العظام التي لا تحوّل من مكانها.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {وقدور راسيات} قال: عظام تفرغ افراغًا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {اعملوا آل داود شكرًا} قال: إعملوا شكرًا لله على ما أنعم به عليكم.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن ابن شهاب في قوله: {اعملوا آل داود شكرًا} قال: قولوا الحمد لله.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن ثابت البناني رضي الله عنه قال: بلغنا أن داود عليه السلام جزأ الصلاة على بيوته على نسائه وولده، فلم تكن تأتي ساعة من الليل والنهار إلا وإنسان قائم من آل داود يصلي، فعمتهم هذه الآية {اعملوا آل داود شكرًا وقليل من عبادي الشكور}.
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال: قال داود لسليمان عليهما السلام: قد ذكر الله الشكر فاكفني قيام النهار أكفك قيام الليل. قال: لا أستطيع قال: فاكفني صلاة النهار. فكفاه.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: الشكر تقوى الله، والعمل بطاعته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضيل رضي الله عنه قال: قال داود عليه السلام: يا رب كيف أشكرك والشكر نعمة منك؟ قال: الآن شكرتني، حين علمت أن النعم مني.
وأخرج أحمد بن حنبل في الزهد وابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان عن المغيرة بن عتبة قال: قال داود عليه السلام: يا رب هل بات أحد من خلقك الليلة أطول ذكرًا لك مني؟ فأوحى الله إليه: نعم. الضفدع، وأنزل الله تعالى على داود عليه السلام {اعملوا آل داود شكرًا} فقال داود عليه السلام: يا رب كيف أطيق شكرك وأنت الذي تنعم علي ثم ترزقني على النعمة الشكر. فالنعمة منك، والشكر منك، فكيف أطيق شكرك؟ قال: يا داود الآن عرفتني حق معرفتي.
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم في كتاب الشكر والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي الجلد رضي الله عنه قال: قرأت في مَسَاءلَةِ داود عليه السلام أنه قال: أي رب كيف لي أن أشكرك، وأنا لا أصل إلى شكرك الا بنعمتك؟ قال: فأتاه الوحي: إن يا داود أليس تعلم أن الذي بك من النعم مني؟ قال: قال داود عليه السلام: إلهي لو أن لكل شعرة مني لسانين يسبحانك الليل والنهار والدهر كله، ما قضيت حق نعمة واحدة من نعمك علي.
وأخرج ابن المنذر عن السدي رضي الله عنه في قوله: {اعملوا آل داود شكرًا} قال: لم ينفك منهم مصلٍ.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: لما قيل لهم {اعملوا آل داود شكرًا} لم يأت على القوم ساعة إلا ومنهم يصلي.
وأخرج ابن المنذر عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس على المنبر، وقرأ هذه الآية {اعملوا آل داود شكرًا} قال: «ثلاث من أوتيهن فقد أوتي ما أوتي آل داود قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: العدل في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، وذكر الله في السر والعلانية».
وأخرجه ابن مردويه من طريق عطاء بن يسار عن حفصة رضي الله عنها مرفوعًا به وأخرجه الحكيم الترمذي من طريق عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه، مرفوعًا به. وأخرجه ابن النجار في تاريخه من طريق عطاء بن يسار عن أبي ذر رضي الله عنه، مرفوعًا به. وقال «خشية الله في السر والعلانية» والله أعلم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وقليل من عبادي الشكور} يقول: قليل من عبادي الموحدين توحيدهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال: قال رجل عند عمر رضي الله عنه: اللهم اجعلني من القليل. فقال عمر رضي الله عنه: ما هذا الدعاء الذي تدعو به؟ قال: إني سمعت الله يقول {وقليل من عبادي الشكور} فأنا أدعوا الله أن يجعلني من ذلك القليل فقال عمر رضي الله عنه: كل الناس أعلم من عمر.
{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)}.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال: كان سليمان عليه السلام يخلو في بيت المقدس السنة والسنتين، والشهر والشهرين، وأقل من ذلك وأكثر، ويدخل طعامه وشرابه، فأدخله في المرة التي مات فيها، وكان بدء ذلك أنه لم يكن يومًا يصبح فيه الا نبتت في بيت المقدس شجرة، فيأتيها فيسألها ما اسمك؟ فتقول: الشجرة اسمي كذا وكذا فيقول لها: لأي شيء نبت؟ فتقول: نبت لكذا وكذا... فيأمر بها فتقطع. فإن كانت نبتت لغرس غرسها، وإن كانت نبتت دواء قالت: نَبَتُّ دواء لكذا وكذا.. فيجعلها لذلك حتى نبتت شجرة يقال لها الخرنوبة قال لها: لأي شيء نبت؟ قالت: نبت لخراب هذا المسجد فقال سليمان عليه السلام: ما كان الله ليخربه وأنا حي! أنت الذي على وجهك هلاكي، وخراب بيت المقدس، فنزعها فغرسها في حائط له، ثم دخل المحراب، فقام يصلي متكئًا على عصا، فمات ولا تعلم به الشياطين في ذلك، وهم يعملون له مخافة أن يخرج فيعاقبهم.
وكانت الشياطين حول المحراب يجتمعون، وكان المحراب له كوًا من بين يديه ومن خلفه، وكان الشيطان المريد الذي يريد أن يخلع يقول: ألست جليدًا؟ إن دخلت فخرجت من ذلك الجانب، فيدخل حتى يخرج من الجانب الآخر، فدخل شيطان من أولئك، فمر ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان الا احترق، فمر ولم يسمع صوت سليمان، ثم رجع فلم يسمع صوته، ثم عاد فلم يسمع، ثم رجع فوقع في البيت ولم يحترق، ونظر إلى سليمان قد سقط ميتًا، فأخبر الناس: أن سليمان قد مات، ففتحوا عنه فأخرجوه، فوجدوا منسأته- وهي العصا بلسان الحبشة- قد أكلتها الأرضة، ولم يعلموا منذ كم مات، فوضعوا الأرضة على العصا، فأكلت منها يوم وليلة، ثم حبسوا على نحو ذلك فوجدوه قد مات منذ سنة. وهي في قراءة ابن مسعود {فمكثوا يدينون له من بعد موته حولًا كاملًا} فأبقين الناس عند ذلك أن الجن كانوا يكذبون، ولو أنهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان عليه السلام، ولما لبثوا في العذاب سنة يعملون له، ثم إن الشياطين قالوا للأرضة: لو كنت تأكلين الطعام أتيناك بأطيب الطعام ولو كنت تشربين أتيناك بأطيب الشراب، ولكننا ننقل إليك الطين والماء فهم ينقلون إليها حيث كانت، ألم تر إلى الطين الذي يكون في جوف الخشب فهو مما يأتيها الشياطين شكرًا لها.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس {دابة الأرض تأكل منسأته} عصاه.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لبث سليمان عليه السلام على عصاه حولًا بعدما مات، ثم خر على رأس الحول، فأخذت الإِنس عصا مثل عصاه، ودابة مثل دابته، فأرسلوها عليها فأكلتها في سنة.
وكان ابن عباس يقرأ {فلما خَرَّ تَبَيَّنَتِ الإِنس إن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين سنة} قال سفيان: وفي قراءة ابن مسعود {وهم يدأبون له حولًا}.
وأخرج البزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن السني في الطب النبوي وابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كان سليمان عليه السلام إذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها: ما اسمك؟ فتقول: كذا وكذا. فإن كانت لغرس غرست، وإن كانت لدواء نبتت. فصلى ذات يوم، فإذا شجرة نابتة بين يديه فقال لها: ما اسمك؟ قالت: الخرنوب. قال: لأي شيء أنتِ؟ قالت: لخراب هذا البيت فقال سليمان عليه السلام: اللهم عم عن الجن موتي حين يعلم الإِنس أن الجن لا يعلمون الغيب، فأخذ عصا، فتوكأ عليها وقبضه الله وهو متكىء، فمكث حينًا ميتًا والجن تعمل، فأكلتها الأرضة فسقطت، فعلموا عند ذلك بموته، فتبينت الإِنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولًا في العذاب المهين» وكان ابن عباس يقرأها كذلك، فشكرت الجن الأرضة، فأينما كانت يأتونها بالماء.
وأخرج البزار والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس. موقوفًا.
وأخرج الديلمي عن زيد بن أرقم. مرفوعًا. يقول الله «أني تفضلت على عبادي بثلاث: ألقيت الدابة على الحبة، ولولا ذلك لكنزتها الملوك كما يكنزون الذهب والفضة. وألقيت النتن على الجسد، ولولا ذلك لم يدفن حبيب حبيبه، وأسليت الحزين، ولولا ذلك لذهب التسلي». وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: كانت الجن تخبر الإِنس أنهم يعلمون من الغيب أشياء، وأنهم يعلمون ما في غد، فابتلوا بموت سليمان عليه الصلاة والسلام، فمات فلبث سنة على عصاه وهم لا يشعرون بموته، وهم مسخرون تلك السنة، ويعملون دائبين {فلما خر تبينت الجن} وفي بعض القراءة {فلما خر تبينت الإِنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين} وقد لبثوا يدأبون ويعملون له حولًا بعد موته.
وأخرج عبد بن حميد من طريق قيس بن سعد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت الإِنس تقول في زمن سليمان عليه السلام: أن الجن تعلم الغيب، فلما مات سليمان عليه السلام، مكث قائمًا على عصاه ميتًا حولًا والجن تعمل بقيامه {فلما خر تبينت الإِنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين} كان ابن عباس رضي الله عنهما كذلك يقرأها قال قيس بن سعد رضي الله عنه: وهي قراءة أُبيّ بن كعب رضي الله عنه كذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال: قال سليمان عليه السلام لملك الموت: إذا أمرت بي فاعلمني، فأتاه فقال: يا سليمان قد أمرت بك، قد بقيت لك سويعة، فدعا الشيطاين، فبنوا عليه صرحًا من قوارير ليس عليه باب، فقام يصلي، فاتكأ على عصاه، فدخل عليه ملك الموت عليه السلام، فقبض روحه وهو متكىء على عصاه، ولم يصنع ذلك فرارًا من الموت قال: والجن تعمل بين يديه، وينظرون يحسبون أنه حي، فبعث الله {دابة الأرض} دابة تأكل العيدان يقال لها: القادح فدخلت فيها، فأكلتها حتى إذا أكلت جوف العصا ضعف وثقل عليها، فخر ميتًا فلما رأت ذلك الجن انفضوا وذهبوا. فذلك قوله: {ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته}.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال: لما رد الله الخاتم إليه لم يصلِّ صلاة الصبح يومًا إلا نظر وراءه، فإذا هو بشجرة خضراء تهتز فيقول: يا شجرة أما يأكلنك جن، ولا إنس، ولا طير، ولا هوام، ولا بهائم، فتقول: إني لم أجعل رزقًا لشيء، ولكن دواء من كذا.. ودواء من كذا.. فقام الإِنس والجن يقطعونها ويجعلونها في الدواء، فصلى الصبح ذات يوم والتفت، فإذا بشجرة وراءه قال: ما أنت يا شجرة؟ قالت: أنا الخرنوبة قال: والله ما الخرنوبة إلا خراب بيت المقدس، والله لا يخرب ما كنت حيًا ولكني أموت، فدعا بحنوط فتحنط وتكفن، ثم جلس على كرسيه، ثم جمع كفيه على طرف عصاه، ثم جعلها تحت ذقنه ومات، فمكث الجن سنة يحسبونه أنه حي، وكانت لا ترفع أبصارها إليه، وبعث الله الارضة، فأكلت طرف العصا، فخر منكبًا على وجهه، فعلمت الجن أنه قد مات. فذلك قوله: {تبينت الجن} ولقد كانت الجن تعلم أنها لا تعلم الغيب، ولكن في القراءة الأولى {تبينت الإِنس أن لو كانت الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين}.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بلغت نصف العصا، فتركوها في النصف الباقي، فأكلتها في حول فقالوا: مات عام أول.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: مكث سليمان بن داود عليه السلام حولًا على عصاه متكئًا حتى أكلتها الأرضة فَخرَّ.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إلا دابة الأرض تأكل منسأته} قال: عصاه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال: الأرضة أكلت عصاه حتى خرَّ.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه {تأكل منسأته} قال: العصا.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أنه سئل عن المنسأة قال: هي العصا، وأنشد فيها شعرًا قاله عبد المطلب:
أمن أجل حبل لا أبالك صدته ** بمنسأة قد جر حبلك أحبلا

وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه قال: المنسأة العصا بلسان الحبشة. اهـ.